الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: القول المفيد على كتاب التوحيد **
قوله: "من الشرك"، من: للتبعيض، فيدل على أن الشرك ليس مختصًا بهذا الأمر. والاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة. وكلام المؤلف رحمه الله ليس على إطلاقه، بل يقيد بما لا يقدر عليه المستغاث به، إما لكونه ميتًا، أو غائبًا، أو يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله تعالى، فلو استغاث بميت ليدافع عنه أو بغائب أو بحي حاضر لينزل المطر فهذا كله من الشرك ولو استغاث أو بحي حاضر فيما يقدر عليه كان جائزًا، قال الله تعالى: وإذا طلبت من أحد الغوث وهو قادر عليه، فإنه يجب عليك تصحيحًا لتوحيدك أن تعتقد أنه مجرد سبب، وأنه لا تأثير له بذاته في إزالة الشدة، لأنك ربما تعتمد عليه وتنسى خالق السبب، وهذا قادح في كمال التوحيد. قوله: "أو يدعو غيره"، معطوف على قوله: "أن يستغيث"، فيكون المعنى: من الشرك أن يدعو غير الله، وذلك لأن الدعاء من العبادة، قال الله تعالى: وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: والدعاء ينقسم إلى قسمين: 1- ما يقع عبادة، وهذا صرفه لغير الله شرك، وهو المقرون بالرهبة والرغبة، والحب، والتضرع. 2- ما لا يقع عبادة، فهذا لا يجوز أن يوجه إلى المخلوق، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: قوله: "أن يستغيث"، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، وخبرها مقدم، وهو قوله: من الشرك، والتقدير: من الشرك الاستغاثة بغير الله، والمبتدأ يكون صريحًا ومؤولًا. فالمبتدأ الصريح مثل: زيد قائم، والمؤول مثل: وقوله: "أو يدعو" هذا من باب عطف العام على الخاص، لأن الاستغاثة دعاء بإزالة الشدة فقط، والدعاء عام لكونه لجلب منفعة، أو لدفع مضرة. وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب عدة آيات. * * * وقول الله تعالى: * الآية الأولى قوله: ظاهر سياق الآية أن الخطاب للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسواء كان خاصًا به أو عامًا له ولغيره، فإن بعض العلماء قال: لا يصح أن يكون للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستحيل أن يقع منه ذلك، والآية على تقدير قل، وهذا ضعيف جدًا، وإخراج للآيات عن سياقها. والصواب: أنه إما خاص بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحكم له ولغيره، وإما عام لكل من يصح خطابه ويدخل فيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وكونه يوجه إليه مثل هذا الخطاب لا يقتضي أن يكون ممكنًا منه، قال تعالى: إذًا، فالحكمة من النهي أن يكون غيره متأسيًا به، فإذا كان النهي موجهًا إلى من لا يمكن منه باعتبار حاله، فهو إلى من يمكن منه من باب أولى. وقوله: الأول: دعاء عبادة وهو أن يكون قائمًا بأمر الله، لأن القائم بأمر الله - كالمصلي، والصائم، والمزكي - يريد بذلك الثواب والنجاة من العقاب، ففعله متضمن للدعاء بلسان الحال، وقد يصحب فعله هذا دعاء بلسان المقال. الثاني: دعاء مسألة، وهو طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضره. فالأول لا يجوز صرفه لغير الله، والثاني فيه تفصيل سبق. قوله: قوله: {ولا يضرك}: قيل: لا يدفع عنك الضر، وقيل: لو تركت عبادته لا يضرك، لأنه لا يستطيع الانتقام، وهو الظاهر من اللفظ. وقوله: ومن القيد الذي ليس بشرط، بل هو لبيان الواقع قوله تعالى: فإن قوله: ومنه قوله تعالى: ومنه قوله تعالى: وكل قيد يراد به بيان الواقع، فإنه كالتعليل للحكم، فمثلًا قوله تعالى: وقوله تعالى: وكذلك قوله تعالى: قوله: و{إن}: شرطية، وجواب الشرط جملة: {فإنك إذًا}. و{إذًا}: أي: حال فعلك من الظالمين، وهو قيد، لأن {إذًا} للظرف الحاضر، أي: فإنك حال فعله من الظالمين، لكن قد تتوب منه فيزول عنك وصف الظلم، فالإنسان قبل الفعل ليس بظالم، وبعد التوبة ليس بظالم، لكن حين فع المعصية يكون ظالمًا كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ونوع الظلم هنا ظلم شرك، قال الله تعالى: * * * * الآية الثانية قوله: {وإن يمسسك}، أي: يصيبك بضر، كالمرض، والفقر، ونحوه. قوله: أي: ما أحد يكشفه أبدًا إذا مسك الله بضر إلا الله، وهذا كقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: قوله: الجواب: هناك فرق معنوي، وهو أن الأشياء المكروهة لا تنسب إلى إرادة الله، بل تنسب إلى فعله، أي: مفعوله. فالمس من فعل الله، والضر من مفعولاته، فالله لا يريد الضر لذاته، بل يريد لغيره، لما يترتب عليه من الخير، ولما وراء ذلك من الحكم البالغة، وفي الحديث القدسي: أما الخير، فهو مارد لله لذاته، ومفعول له، ويقرب من هذا ما في سورة الجن: فإذا أصيب الإنسان بمرض، فالله لم يرد به الضرر لذاته، بل أراد المرض، وهو يضره، لكن لم يرد ضرره، بل أراد خيرًا من وراء ذلك، وقد تكون الحكمة ظاهرة في نفس المصاب، وقد تكون ظاهرة في غيره، كما قال تعالى: فالمهم أنه ليس لنا أن نتحجر حكمة الله، لأنها أوسع من عقولنا، لكننا نعلم علم اليقين أن الله لا يريد الضرر لأنه ضرر، فالضرر عند الله ليس مرادًا لذاته، بل لغيره، ولا يترتب عليه إلا الخير، أما الخير، فهو مراد لذاته، ومفعول له، والله أعلم بما أراد بكلامه، لكن هذا الذي يتبين لي. قوله: وعليه، فنعتمد على الله في جلب المنافع، ودفع المضار، وبقاء ما أنعم علينا به، ونعلم أن الأمة مهما بلغت من المكر والكيد والحيل لتمنع فضل الله، فإنها لا تستطيع. قوله: قوله: {من يشاء}، كل فعل مقيد بالمشيئة، فإنه مقيد بالحكمة، لأن مشيئة الله ليس مجردة يفعل ما يشاء لمجرد أنه يفعله فقط، لأن من صفات الله الحكمة، ومن أسمائه الحكيم، قال الله تعالى: قوله: {من عباده}، العبودية هنا عامة، لأن قوله: {بخير} يشمل خير الدنيا والآخرة، وخير الدنيا يصيب الكفار. قوله: والرحيم، أي: ذو الرحمة، وهي صفة تليق بالله - عز وجل ـ، تقتضي الإحسان والإنعام. الشاهد قوله: وقوله في الآية الثاني: * * * وقوله: * الآية الثالثة قوله: لو أتى المؤلف بأول الآية: وقوله: {عند الله}: عند الله: حال من الرزق، وقدم الحال مع أن موضعها التأخير عن صاحبها لإفادة الحصر، إ إن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، أي: فابتغوا الرزق حال كونه عند الله لا عند غيره. قوله: {واعبدوه}، أي: تذللوا بالطاعة، لأن العبادة مأخوذة من التعبيد، وهو التذليل، ومنه قولهم: طريق معبد، أي: مذلل للسالكين، قد أزيل عنه الأحجار والأشجار المؤذية، لأنكم إذا تذللتم له بالطاعة، فهو من أسباب الرزق، قال تعالى: قوله: {واشكروا له}، إذا أضاف الله الشرك له متعديًا باللام، فهو إشارة إلى الإخلاص، أي: واشكروا نعمة الله لله، فاللام هنا لإفادة الإخلاص، لأن الشاكر قد يشكر الله لبقاء النعم، وهذا لا بأس به، ولكن كونه شكر لله وتأتي إرادة بقاء النعمة تبعًا هذا هو الأكمل والأفضل. والشكر فسروه بأنه: القيام بطاعة المنعم، وقالوا: إنه يكون في ثلاثة مواضع: 1- في القلب، وهو أن يعترف بقلبه أن هذه النعمة من الله، فيرى لله فضلًا عليه بها، قال تعالى: 2- اللسان، وهو أن يتحدث بها على وجه الثناء على الله والاعتراف وعدم الجحود، لا على سبيل الفخر والخيلاء والترفع على عباد الله، فيتحدث بالغنى لا ليكسر خاطر الفقير، بل لأجل الثناء على الله، وهذا جائز كما في قصة الأعمى من بني إسرائيل لما ذكرهم الملك بنعمة الله، قال "نعم، كنت أعمى فرد الله علي بصري، وكنت فقيرًا فأعطاني الله المال"، فهذا من باب التحدث بنعمة الله. والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحدث بنعمة الله عليه بالسيادة المطلقة، فقال: 3- الجوارح، وهو أن يستعملها بطاعة المنعم، وعلى حسب ما يختص بهذه النعمة. فمثلًا: شكر الله على نعمة العلم: أن تعمل به، وتعلمه الناس. وشكر الله على نعمة المال: أن تصرفه بطاعة الله، وتنفع الناس به. وشكر الله على نعمة الطعام: أن تستعمله فيما خلق له، وهو تغذية البدن، فلا تبني من العجين قصرًا مثلًا، فهو لم يخلق لهذا الشيء. قوله: {إليه ترجعون}، الجار والمجرور متعلق بـ{ترجعون}، وتقديمه دل على الحصر، أي أن رجوعنا إلى الله - سبحانه -، وهو الذي سيحاسبنا على ما حملنا إياه من الأمر بالعبادة، والأمر بالشكر، وطلب الرزق منه. والشاهد من هذه الآية: * * * وقوله: * الآية الرابعة قوله تعالى: {ومن أضل}، {من}: اسم استفهام مبتدأ، و {أضل}: خبره، والاستفهام يراد به هنا النفي، أي لا أحد أضل. و{أضل}: اسم تفضيل، أي: لا أحد أضل من هذا. والضلال: أن يتيه الإنسان عن الطريق الصحيح. وإذا كان الاستفهام مراد به النفي كان أبلغ من النفي المجرد، لأنه يحوله من نفي إلى تحد، أي: بين لي عن أحد أضل ممن يدعو من دون الله؟ فهو متضمن للتحدي، وهو أبلغ من قوله: لا اضل ممن يدعو، لأن هذا نفي مجرد، وذاك نفي مشرب معنى التحدي. قوله: {ممن يدعو}، متعلق بأضل، ويراد بالدعاء هنا دعاء المسألة ودعاء العبادة. قوله: قوله: وقوله: قوله: ومنه قوله تعالى: قوله: {عن دعائهم}، الضمير في دعائهم يعود إلى المدعوين، وهل المعنى: {وهم}، أي: الأصنام، {عن دعائهم}، أي: دعاء الداعين إياهم، فيكون من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، أو المعنى: و{هم} عن دعاء العابدين لهم، فيكون "دعاء" مضافًا إلى فاعله، والمفعول محذوف؟ الأول أبلغ، أي عن دعاء العابدين إياهم أبلغ من دعاء العابدين على سبيل الإطلاق، فإذا قلت: {عن دعائهم}، أي: عن دعاء العابدين إياهم، وجعلت الضمير هنا يعود على المدعوين، صار المعنى أن هذه الأصنام غافلة دعوة هؤلاء إياهم، ويكون هذا أبلغ في أن هذه الأصنام لا تفيد شيئًا في الدنيا ولا في الآخرة. قوله: الجواب: يشمل المعنيين، وهذا من بلاغة القرآن. الشاهد: قوله: فالذي يأتي للبدوي أو للدسوقي في مصر، فيقول: المدد! المدد! أو: أغثني، لا يغني عنه شيئًا، ولكن قد يبتلي فيأتيه المدد عند حصول هذا الشيء لا بهذا الشيء، وفرق بين ما يأتي بالشيء وما يأتي عند الشيء. مثال ذلك: امرأة دعت البدوي أن تحمل، فلما جامعها زوجها حملت، وكانت سابقًا لا تحمل، فنقول هنا: إن الحمل لم يحصل بدعاء البدوي، وإنما حصل عنده لقوله تعالى: أو يأتي للجيلاني في العراق، أو ابن عربي في سوريا، فيستغيث به، فإنه لا ينتفع، ولو بقي الواحد منهم إلى يوم القيامة يدعو ما أجابه أحد. والعجب أنهم في العراق يقولون: عندنا الحسين، فيطوفون قبره ويسألونه، وفي مصر كذلك، وفي سوريا كذلك، وهذا سفه في العقول، وضلال في الدين، والعامة لا يلامون في الواقع، لكن الذي يلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء. * * * وقوله: * الآية الخامسة قوله تعالى: {أمن}، أم: منقطعة، والفرق بين المنقطعة والمتصلة ما يلي: 1- المنقطعة بمعنى بل، والمتصلة بمعنى أو. 2- المتصلة لا بد فيها من ذكر المعادل، والمتصلة لا يشترط فيها ذكر المعادل. مثال ذلك: أعندك زيد أم عمرو؟ فهذه متصلة، وقوله تعالى: قوله: {المضطر}، أصلها: المضتر، أي: الذي أصابه الضرر، قال تعالى: قوله: {ويكشف السوء}، أي: يزيل السوء، والسوء: ما يسوء المرء، وهو دون الضرورة، لأن الإنسان قد يساء بما لا يضره، لكن كل ضرورة سوء. وقوله: {ويكشف السوء} هل هي متعلقة بما قبلها في المعنى، وإنه إذا أجابه كشف سوءه، أو هي مستقلة يجيب المضطر إذا دعاه ثم أمر آخر يكشف السوء؟ الجواب: المعنى الأخير أعم، لأنها تشمل كشف سوء المضطر وغيره، ومن دعا الله ومن لم يدعه، وعلى التقدير الأول تكون خاصة بكشف سوء المضطر، ومعلوم أنه كلما كان المعنى أعم كان أولى، ويؤيد العموم قوله: قوله: قوله: الجواب: لا، وإذا كان ذلك، فيجب أن تصرف العبادة لله وحده، وكذلك الدعاء، فالواجب على العبد أن يوجه السؤال إلى الله تعالى، ولا يطلب من أحد أن يزيل ضرورته ويكشف سوءه وهو لا يستطيع. * إشكال وجوابه: وهو أن الإنسان المضطر يسأل غير الله ويستجاب له، كمن اضطر إلى طعام وطلب من صاحب الطعام أن يعطيه فأعطاه، فهل يجوز أم لا؟ الجواب: أن هذا جائز، لكن يجب أن نعتقد أن هذا مجرد سبب لا أنه مستقل، فالله يجعل لكل شيء سببًا، فيمكن أن يصرف الله قلبه فلا يعطيك، ويمكن أن تأكل ولا تشبع فلا تزول ضرورتك، ويمكن أن يسخره الله ويعطيك. * * * روى الطبراني بإسناده : أنه كان في زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من هذا المنافق. قوله: "بإسناده"، يشير إلى أن هذا الإسناد ليس على شرط الصحيح، أو المتفق عليه بين الناس، بل هو إسناده الخاص، وعليه، فيجب أن يراجع هذا الإسناد فليس كان إسناد محدث قد تمت فيه شروط القبول. وذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد": "إن رجاله رجال الصحيح، غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث، وابن لهيعة خلط في آخر عمره لاحتراق كتبه"، ولم يذكر المؤلف الصحابي، وفي الشرح هو عبادة بن الصامت رضي الله عنه. قوله: "في زمن النبي"، أي: عهده، وكانا لكافر أولًا يعلن كفره ولا يبالي، ولما قوي المسلمون بعد غزوة بدر خاف الكفار، فصاروا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. قوله: "منافق"، المنافق: هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهؤلاء ظهروا بعد غزوة بدر. ولم يسم المنافق في هذا الحديث، فيحتمل أنه عبدالله بن أبي، لأنه مشهور بإيذاء المسلمين، ويحتمل غيره. واعلم أن أذية المنافقين للمسلمين ليست بالضرب أو القتل، لأنهم يتظاهرون بمحبة المسلمين، ولكن بالقول والتعريض كما صنعوا في قصة الإفك. قوله: "فقال بعضهم"، أي: الصحابة. قوله: "نستغيث"، أي: نطلب الغوث وهو إزالة الشدة. قوله: "من هذا المنافق"، إما بزجره، أو تعزيره، أو بما يناسب المقام. وفي الحديث إيجاز حذف دل عليه السياق، أي: فقاموا إلى رسول الله، فقالوا: يا رسول الله! إنها نستغيث بك من هذا المنافق. * * * فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: قوله: "إنه لا يستغاث بي"، ظاهر هذه الجملة النفي مطلقًا، ويحتمل أن المراد: لا يستغاث به في هذه القضية المعينة. فعلى الأول: يكون نفي الاستغاثة من باب سد الذرائع والتأدب في اللفظ، وليس من باب الحكم بالعموم، لأن نفي الاستغاثة بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس على إطلاقه، بل تجوز الاستغاثة به فيما يقدر عليه. أما إذا قلنا: إن النفي عائد إلى القضية المعينة التي استغاثوا بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها، فإنه يكون على الحقيقة، أي: على النفي الحقيقي، أي: لا يستغاث بي في مثل هذه القضية، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يعامل المنافقين معاملة المسلمين، ولا يمكنه حسب الحكم الظاهر للمنافقين أن ينتقم من هذا المنافق انتقامًا ظاهرًا، إذ إن المنافقين يستترون، وعلى هذا، فلا يستغاث للتخلص من المنافق إلا بالله. * * * * فيه مسائل: الأولى: أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص. الثانية: تفسير قوله: فيه مسائل: * الأولى: أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص، يعني: حيث قال في الترجمة باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غير، ووجه ذلك في الاستغاثة طلب إزالة الشدة والدعاء طلب ذلك وغيره، إذًا الاستغاثة نوع من الدعاء، والدعاء أعم، فهو من باب عطف العام على الخاص، وهذا سائغ في اللغة العربية، فهو كقوله تعالى: * الثانية: تفسير قوله: فإن قيل: كيف ينهاه الله عن أمر لا يمكن أن يقع منه شرعًا؟ أجيب: إن الغرض هو التنديد بمن فعل ذلك، كأنه يقول: لا تسلك هذا الطريق التي سلكها أهل الضلال، وإن كان الرسول لا يمكن أن يقع منه ذلك شرعًا. * الثالثة: أن هذا هو الشرك الأكبر، يؤخذ من قوله تعالى: * * * الرابعة: أن أصلح الناس لو فعله إرضاء لغيره، صار من الظالمين. الخامسة: تفسير الآية التي بعدها. السادسة: كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفرًا. السابعة: تفسير الآية الثالثة. الثامنة: أن طلب الرزق لا ينبغي إلا من الله، كما أن الجنة لا تطلب إلا منه. * الرابعة: أن أصلح الناس لو فعله إرضاء لغيره، صار من الظالمين، تؤخذ من كون الخطاب للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو أصلح الناس، فلو فعل ذلك إرضاء لغيره، صار من الظالمين، حتى ولو فعله مجاملة لإنسان مشرك، فدعا صاحب قبر إرضاء لذلك المشرك، فإنه يكون مشركًا، إذا لا تجوز المحاباة في دين الله. * الخامسة تفسير الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: * السادسة: كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفرًا، تؤخذ من قوله تعالى: * السابعة: تفسير الآية الثالثة، هي قوله تعالى: وقوله: {عند الله} حال من الرزق، وعليه يكون ابتغاء الرزق عند الله وحده. * الثامنة: أن طلب الرزق لا ينبغي إلا من الله، كما أن الجنة لا تطلب إلا منه، * * *التاسعة: تفسير الآية الرابعة. العاشرة: أنه لا اضل ممن دعا غير الله. الحادية عشرة: أنه غافل عن دعاء لا يدري عنه. الثانية عشرة: أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له. الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو. * التاسعة: تفسير الآية الرابعة، وهي قوله تعالى: * العاشرة: أنه لا اضل ممن دعا غير الله، تؤخذ من قوله تعالى: * الحادية عشرة: أنه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه، لقوله تعالى: * الثانية عشرة: أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له، تؤخذ من قوله تعالى: * الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو، تؤخذ من قوله تعالى: * * * الرابعة عشرة: كفر المدعو بتلك العبادة. الخامسة عشرة: هي سبب كونه أصل الناس. السادسة عشرة: تفسير الآية الخامسة. السابعة عشرة: الأمر العجيب، وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله، ولأجل هذا يدعونه في الشدائد مخلصين له الدين. * الرابعة عشرة: كفر المدعو بتلك العبادة، معنى كفر المدعو: رده وإنكاره، فإذا كان يوم القيامة تبرأ منه وأنكره. تؤخذ من قوله: * الخامسة عشرة: هي سبب كونه أضل الناس، وذلك لأمور، هي: 1- أنه يدعو من دون الله من لا يستجيب له. 2- أن المدعوين غافلون عن دعائهم. 3- أنه إذا حشر الناس كانوا له أعداء. 4- أنه كافر بعبادتهم. * السادسة عشرة: تفسير الآية الخامسة، وهي قوله تعالى: * السابعة عشرة: الأمر العجيب، وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله... إلخ، وهو كما قال رحمه الله: وهذا موجود الآن، فمن الناس من يسجد للأصنام التي صنعوها بأنفسهم تعظيمًا، فإذا وقعوا في الشدة دعو الله مخلص له الدين، وكان عليهم أن يلجئوا للأصنام لو كانت عبادتها حقًا، إلا أن المشركين اليوم من هو أشد شركًا من المشركين السابقين، فإذا وقعوا في الشدة دعو أولياءهم، كعلي والحسين، وإذا كان الأمر سهلًا دعوا الله، وإذا حلفوا حلفًا هم فيه صادقون حلفوا بعلي أو غيره من أوليائهم، وإذا حلفوا حلفًا هم فيه كاذبون حلفوا بالله ولم يبالوا. * * * الثامنة عشرة: حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ حمى التوحيد والتأدب مع الله. * الثامنة عشرة: حماية المصطفى حمى التوحيد، والتأدب مع الله. اختار المؤلف أن قوله: "لا يستغاث بي" من باب التأدب بالألفاظ، والبعد عن التعلق بغير الله، وأن يكون تعلق الإنسان دائمًا بالله وحده، فهو يعلم الأمة أن تلجأ إلى الله وحده إذا وقعت في الشدائد، ولا تستغيث إلا به وحده. * * *
|